الأحد، 25 أكتوبر 2009

خيارات لطيفة




أخبرتني إحدى صفحات الإنترنت أني أملك الكثير من الخيارات
وأن من بين هذه الخيارات أن " لا أفعل شيئاً " .. وكان هذا الخيار الأكثر إغراءً على إطلاق، أعجبني أن أجلس هكذا بدون هدف ولا أفعل شيئاً، كانت الفكرة مغرية حقاً .. وهكذا قررت أن أنفّذها على الفور أخذت كأس مياه غير مبرّدة وابتعدت عن الجميع، تقوقعت جوار النافذة الصغيرة أستشعر جمال الفراغ ..






كانت النافذة مغلقة كعادتها، مغبّرة كما يحدث دائماً،
ولكنها هذه المرة أهدتني عطراً .. فقد تسللت إلي في جلستي الهادئة هذه روائح مطر البارحة الذي تمنيت أن يطول هطوله .. كم أحب رائحة المطر .. فكّرت أن أخرج يدي من النافذة لعلي أجد بعض القطرات عالقة في الجو، رغم مرور أربع وعشرون ساعة إلا أن الأمل يغمرني بوجود بقيةٍ من المطر خلف النافذة المغلقة .. ولأول مرة أتبع أفكاري ولا أتهمها بالجنون
.. ما أسهل ذلك ..

فتحت النافذة كما أحببتُ أن أفعل حقاّ وأخرجت يديّ إلى الخارج بحثاً عن المطر، لم أجده طبعاً ..
ولكني شعرت بقطراته على جلدي،
كان الرذاذ يدغدغني ويحملني على سحابة بيضاء ترتفع كريشة تتمايل مع الرياح إلى سماء زرقاء صافية تلوح شمسها الصفراء من البعيد نوراً مشرقاً غير محرق





تعود رائحة المطر تغمرني عطراً تسلل من عالم الطفولة والذكريات البعيدة، يدغدغ مشاعري كلها فتنهال الصور القديمة على كل مساحات الذاكرة وأتذكر أن أضيف إلى زرقة السماء مطراً خفيفاً ليكتمل المشهد، فتتطاير الصور القديمة مع النسمة، ترتفع في دوائر متراقصة والمطر يهديني رائحته فأشعر بها تتخلل خصلات شعري وتستقر في عظامي نغماً متذبذباً بين الهدوء والمرح
بين السعادة والشجن،
وأتذكر أنشودة المطر ..
ذلك الرجل الساحر كان ذكياً بما فيه الكفاية ليحتوي المطر في أنشودة
ويسطرها على الورق









كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر...

وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم

ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر

أنشودةُ المطر
مطر

مطر

مطر



تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسفُّ من ترابها وتشربُ المطر
كأنّ صياداً حزيناً يجمعُ الشباك
ويلعنُ المياهَ والقدر
وينثرُ الغناء حيث يأفلُ القمر
مطر
مطر
المطر


أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعثُ المطر؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر؟

وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع؟
بلا انتهاء_ كالدمِ المُراق، كالجياع
كالحبّ كالأطفالِ كالموتى –هو المطر

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبرَ أمواجِ الخليجِ تمسحُ البروق
سواحلَ العراقِ
بالنجومِ والمحار،
كأنها تهمُّ بالشروق

فيسحبُ الليلُ عليها من دمٍ دثار


في كلّ قطرةٍ من المطر
حمراءُ أو صفراءُ من أجنّة الزهر
وكلّ دمعةٍ من الجياعِ والعراة
وكلّ قطرةٍ تُراقُ من دمِ العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورّدتْ على فمِ الوليد
في عالمِ الغدِ الفتيّ واهبِ الحياة
مطر
مطر
مطر

هناك تعليق واحد:

  1. مآشآء الله كما عرفتك دوماً راائعة أحبك راقية راائعة رزينة والله إنك الأروع سوسو .

    ردحذف